أبو بكر الحنفي عبد الكبير : حدثنا بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد أن أباه سعدا ، كان في غنم له ، فجاء ابنه عمر ، فلما رآه قال : أعوذ بالله من شر هذا الراكب ، فلما انتهى إليه ، قال : يا أبة أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك ، والناس يتنازعون في الملك بالمدينة ، فضرب صدر عمر ، وقال : اسكت ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله - عز وجل - يحب العبد التقي الغني الخفي " . روح والأنصاري ، واللفظ له : أنبأنا ابن عون ، عن محمد بن محمد بن الأسود ، عن عامر بن سعد قال : قال سعد : لقد رأيت رسول الله [ ص: 103 ] - صلى الله عليه وسلم - ضحك يوم الخندق ، حتى بدت نواجذه . كان رجل معه ترس ، وكان سعد راميا ، فجعل يقول كذا يحوي بالترس ، ويغطي جبهته . فنزع له سعد بسهم ، فلما رفع رأسه ، رماه فلم يخط هذه منه - يعني جبهته - فانقلب وأشال برجله ، فضحك رسول الله من فعله حتى بدت نواجذه .
يحيى القطان وجماعة : عن صدقة بن المثنى ، حدثني جدي رياح بن الحارث ، أن المغيرة كان في المسجد الأكبر ، وعنده أهل الكوفة ، فجاء رجل منأهل الكوفة فاستقبل المغيرة ، فسب ، وسب ، فقال سعيد بن زيد : من يسب هذا يا مغيرة ؟ قال : يسب علي بن أبي طالب ، قال : يا مغير بن شعيب ، يا مغير بن شعيب ، ألا تسمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبون عندك ، ولا تنكر ولا تغير ؟ فأنا أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما سمعت أذناي ، ووعاه قلبي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني لم أكن أروي عنه كذبا ، إنه قال : " أبو بكر في الجنة ،وعمر في الجنة ، وعلي في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن في الجنة ، وسعد بن مالك في الجنة . وتاسع المؤمنين في الجنة " ، ولو شئت أن أسميه لسميته ، فضج أهل المسجد يناشدونه : يا صاحب رسول الله ، من التاسع ؟ قال : ناشدتموني بالله والله عظيم ، أنا هو ، والعاشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والله لمشهد شهده رجل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من عمل أحدكم ، ولو عمر ما عمر نوح .
[ ص: 104 ] أخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، من طريق صدقة .
شعبة : عن الحر : سمعت رجلا يقال له عبد الرحمن بن الأخنس قال : خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي ، فقام سعيد بن زيد فقال : ما تريد إلى هذا . أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقال : " عشرة في الجنة : رسول الله في الجنة ، وأبو بكر في الجنة " . . . الحديث .
الحر هو ابن الصياح .
عبد الواحد بن زياد : عن الحسن بن عبيد الله ، حدثنا الحر ، بنحوه .
ابن أبي فديك : حدثنا موسى بن يعقوب . عن عمر بن سعيد بن سريج أن عبد الرحمن بن حميد حدثه ، عن أبيه حميد بن عبد الرحمن ، حدثني سعيد بن زيد في نفر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عشرة في الجنة : أبو بكر في الجنة ، وسمى فيهم أبا عبيدة " . [ ص: 105 ] ابن عيينة : عن سعير بن الخمس عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر : قال رسول الله : عشرة من قريش في الجنة ، أبو بكر ، ثم سمى العشرة .
أخبرنا ابن أبي عمر وجماعة ، إذنا ، قالوا : أنبأنا حنبل ، أنبأنا هبة الله ، أنبأنا ابن المذهب ، حدثنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ، عن حصين ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الله بن ظالم قال : خطب المغيرة فنال من علي ، فخرج سعيد بن زيد فقال : ألا تعجب من هذا يسب عليا ، أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا كنا على حراء أو أحد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اثبت حراء أو أحد فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد " . فسمى النبي وأبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليا ، وطلحة ، والزبير ، وسعدا ،وعبد الرحمن ، وسمى سعيد نفسه ، رضوان الله عليهم . وله طرق .
ومنها : عاصم بن علي : حدثنا محمد بن طلحة ، عن أبيه ، عن هلال بن [ ص: 106 ] يساف ، عن سعيد نفسه ، وقال : اسكن حراء .
أخبرنا ابن أبي الخير ، أنبأنا عبد الغني الحافظ ، في كتابه إلينا ، أنبأنا المبارك بن المبارك السمسار ، أنبأنا النعالي ، أنبأنا أبو القاسم بن المنذر ، أنبأنا إسماعيل الصفار ، حدثنا الدقيقي ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن أبي بكر بن حزم قال : جاءت أروى بنت أويسإلى محمد بن عمرو بن حزم فقالت : إن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قد بنى ضفيرة في حقي ، فأته ، فكلمه ، فوالله لإن لم يفعل ، لأصيحن به فيمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لها : لا تؤذي صاحب رسول الله ; ما كان ليظلمك ، ما كان ليأخذ لك حقا . فخرجت .
فجاءت عمارة بن عمرو وعبد الله بن سلمة ، فقالت لهما : ائتيا سعيد بن زيد ، فإنه قد ظلمني ، وبنى ضفيرة في حقي ، فوالله لإن لم ينزع ، لأصيحن به في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فخرجا حتى أتياه في أرضه بالعقيق ، فقال لهما : ما أتى بكما ؟ قالا : جاء بنا أروى ، زعمت أنك بنيت ضفيرة في حقها ، وحلفت بالله لإن لم تنزع لتصيحن بك في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأحببنا أن نأتيك ، ونذكرك بذلك . فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من أخذ شبرا من الأرض بغير حق ، طوقه يوم القيامة من سبع أرضين " لتأتين ، فلتأخذ ما كان لها من حق ، اللهم إن كانت كذبت علي ، فلا تمتها حتى تعمي بصرها ، وتجعل منيتها فيها . ارجعوا فأخبروها بذلك ، فجاءت ، فهدمت الضفيرة ، وبنت بيتا ، فلم تمكث إلا قليلا حتى [ ص: 107 ] عميت ، وكانت تقوم من الليل ، ومعها جارية تقودها ، فقامت ليلة ، ولم توقظ الجارية ، فسقطت في البئر ، فماتت .
هذا يؤخر إلى ترجمة سعيد بن زيد .
أحمد في " مسنده " حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن جده ، عن سعد قال : رأيت رجلين عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويساره يوم أحد ، عليهما ثياب بيض ، يقاتلان عنه كأشد القتال ، ما رأيتهما قبل ولا بعد . الثوري : عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود قال : اشتركت أنا ، وسعد ، وعمار ، يوم بدر فيما أصبنا من الغنيمة ، فجاء [ ص: 108 ] سعد بأسيرين ، ولم أجئ أنا وعمار بشيء .
شريك : عن أبي إسحاق قال : أشد الصحابة أربعة : عمر ، وعلي ، والزبير ، وسعد .
أبو يعلى في " مسنده " حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الله بن قيس الرقاشي ، حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة " . فطلع سعد بن أبي وقاص .
رشدين بن سعد عن الحجاج بن شداد ، عن أبي صالح الغفاري ، عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة " . فدخل سعد بن أبي وقاص . [ ص: 109 ] ابن وهب : أخبرني حيوة ، أخبرنا عقيل ، عن ابن شهاب ، حدثني من لا أتهم ، عن أنس قال : بينا نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " . فاطلع سعد .
الثوري ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن سعد ولا تطرد الذين يدعون ربهم قال : نزلت في ستة أنا وابن مسعود منهم .
مسلمة بن علقمة : حدثنا داود بن أبي هند ، عن أبي عثمان أن سعدا قال : نزلت هذه الآية في وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما قال : كنت برا بأمي ، فلما أسلمت ، قالت : يا سعد ، ما هذا الدين الذي قد أحدثت ؟ لتدعن دينك هذا ، أو لا آكل ، ولا أشرب ، حتى أموت ، فتعير بي ، فيقال : يا قاتل أمه ، قلت : لا تفعلي يا أمه ، إني لا أدع ديني هذا لشيء ، فمكثت يوما لا تأكل ولا تشرب وليلة ، وأصبحت وقد جهدت ، فلما رأيت ذلك ، قلت : يا أمه ، تعلمين والله لو كان لك مائة نفس ، فخرجت نفسا نفسا ، ما تركت ديني . إن شئت فكلي أو لا تأكلي . [ ص: 110 ]فلما رأت ذلك أكلت .
رواه أبو يعلى في " مسنده . "
مجالد : عن الشعبي ، عن جابر قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل سعد بن مالك فقال رسول الله : " هذا خالي ، فليرني امرؤ خاله " .
قلت : لأن أم النبي - صلى الله عليه وسلم - زهرية ، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف ، ابنة عم أبي وقاص .
يحيى القطان عن الجعد بن أوس ، حدثتني عائشة بنت سعد قالت : قال سعد : اشتكيت بمكة ، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني ، فمسح وجهي وصدري وبطني ، وقال : " اللهم اشف سعدا " فما زلت يخيل إلي أني أجد برد يده - صلى الله عليه وسلم - على كبدي حتى الساعة .
[ ص: 111 ] أخرجه البخاري والنسائي .
أحمد في " مسنده " : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معان بن رفاعة ، حدثني علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : جلسنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ، ورققنا . فبكى سعد بن أبي وقاص ، فأكثر البكاء . فقال : يا ليتني مت . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ياسعد ، أتتمنى الموت عندي ؟ " فردد ذلك ثلاث مرات ، ثم قال : " يا سعد ، إن كنت خلقت للجنة ، فما طال عمرك أو حسن من عملك ، فهو خير لك " .
محمد بن الوليد البسري ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل ، عن قيس أخبرني سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اللهم استجبلسعد إذا دعاك " .
رواه جعفر بن عون ، عن إسماعيل ، عن قيس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله .
[ ص: 112 ] عبد الرحمن بن مغراء : عن سعيد بن المرزبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم أحد : "اللهم استجب لسعد " ثلاث مرات .
ابن وهب : حدثني أبو صخر ، عن يزيد بن قسيط ، عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص ، حدثني أبي : أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد : ألا تأتي ندعو الله تعالى ، فخلوا في ناحية ، فدعا سعد ، فقال : يا رب ، إذا لقينا العدو غدا ، فلقني رجلا شديدا بأسه ، شديدا حرده ، أقاتله ، ويقاتلني ، ثم ارزقني الظفر عليه ، حتى أقتله وآخذ سلبه . فأمن عبد الله ، ثم قال : اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا بأسه ، شديدا حرده ، فأقاتله ، ويقاتلني ، ثم يأخذني ، فيجدع أنفي وأذني ، فإذا لقيتك غدا قلت لي : يا عبد الله ، فيم جدع أنفك وأذناك ؟ فأقول : فيك وفي رسولك ، فتقول : صدقت .
قال سعد : كانت دعوته خيرا من دعوتي ، فلقد رأيته آخر النهار ، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط .
أبو عوانة وجماعة ، حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة قال : [ ص: 113 ] شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر ، فقالوا : إنه لا يحسن أن يصلي . فقال سعد : أما أنا ، فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله ، صلاتي العشي لا أخرم منها ، أركد في الأوليين وأحذف في الأخريين . فقال عمر :ذاك الظن بك يا أبا إسحاق . فبعث رجالا يسألون عنه بالكوفة ، فكانوا لا يأتون مسجدا من مساجد الكوفة ، إلا قالوا خيرا ، حتى أتوا مسجدا لبني عبس ، فقال رجل يقال له أبو سعدة : أما إذ نشدتمونا بالله ، فإنه كان لا يعدل في القضية ، ولا يقسم بالسوية ، ولا يسير بالسرية ، فقال سعد : اللهم إن كان كاذبا ، فأعم بصره ، وأطل عمره ، وعرضه للفتن . قال عبد الملك : فأنا رأيته بعد يتعرض للإماء في السكك . فإذا سئل كيف أنت ؟ يقول : كبير مفتون ، أصابتني دعوة سعد . متفق عليه .
محمد بن جحادة : حدثنا الزبير بن عدي ، عن مصعب بن سعد أن سعدا خطبهم بالكوفة فقال : يا أهل الكوفة ، أي أمير كنت لكم ؟ فقام رجل فقال : اللهم ، إن كنت ما علمتك لا تعدل في الرعية ، ولا تقسم بالسوية ، ولا تغزو في السرية ، فقال سعد : اللهم إن كان كاذبا ، فأعم بصره ، وعجل فقره ، وأطل عمره ، وعرضه للفتن . [ ص: 114 ] قال : فما مات حتى عمي ، فكان يلتمس الجدرات ، وافتقر حتى سأل ، وأدرك فتنة المختار فقتل فيها .
عمرو بن مرزوق : حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن سعيد بن المسيب قال : خرجت جارية لسعد عليها قميص جديد ، فكشفتها الريح ، فشدعمر عليها بالدرة ، وجاء سعد ليمنعه ، فتناوله بالدرة ، فذهب سعد يدعو على عمر ، فناوله الدرة وقال : اقتص . فعفا عن عمر .
أسد بن موسى : حدثنا يحيى بن زكريا ، حدثنا إسماعيل ، عن قيس قال : كان لابن مسعود على سعد مال : فقال له ابن مسعود : أد المال . قال : ويحك مالي ، ولك ؟ قال : أد المال الذي قبلك . فقال سعد : والله إني لأراك لاق مني شرا ، هل أنت إلا ابن مسعود وعبد بني هذيل . قال : أجل والله ، وإنك لابن حمنة . فقال لهما هاشم بن عتبة : إنكما صاحبا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليكما الناس . فطرح سعد عودا كان في يده ، ثم رفع يده ، فقال : اللهم رب السماوات . فقال له عبد الله : قل قولا ولا تلعن ، فسكت ، ثم قال سعد : أما والله لولا اتقاء الله ، لدعوت عليك دعوة لا تخطئك . [ ص: 115 ] رواه ابن المديني ، عن سفيان ، عن إسماعيل وكان قد أقرضه شيئا من بيت المال .
ومن مناقب سعد أن فتح العراق كان على يدي سعد ، وهو كان مقدم الجيوش يوم وقعة القادسية ونصر الله دينه . ونزل سعد بالمدائن ، ثم كان أمير الناس يوم جلولاء فكان النصر على يده ، واستأصل الله الأكاسرة .
فروى زياد البكائي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن قبيصة بن جابر قال : قال ابن عم لنا يوم القادسية :
ألم تر أن الله أنزل نصره وسعد بباب القادسية معصم فأبنا وقد آمت نساء كثيرة ونسوة سعد ليس فيهن أيم
فلما بلغ سعدا قال : اللهم اقطع عني لسانه ويده . فجاءت نشابة أصابت فاه ، فخرس ، ثم قطعت يده في القتال . وكان في جسد سعد قروح ، فأخبر الناس بعذره عن شهود القتال .
وروى نحوه سيف بن عمر ، عن عبد الملك .
هشيم : عن أبي مسلم ، عن مصعب بن سعد ، أن رجلا نال من علي ، [ ص: 116 ] فنهاه سعد ، فلم ينته ، فدعا عليه . فما برح حتى جاء بعير ناد فخبطه حتى مات .
ولهذه الواقعة طرق جمة رواها ابن أبي الدنيا في " مجابي الدعوة " وروى نحوها الزبير بن بكار ، عن إبراهيم بن حمزة ، عن أبي أسامة ، عن ابن عون ، عن محمد بن محمد الزهري ، عن عامر بن سعد . وحدث بها أبو كريب عن أبي أسامة . ورواها ابن حميد ، عن ابن المبارك ، عن ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود .
وقرأتها على عمر بن القواس ، عن الكندي ، أنبأنا أبو بكر القاضي ، أنبأنا أبو إسحاق البرمكي ، حضورا ، أنبأنا ابن ماسي أنبأنا أبو مسلم ، حدثناالأنصاري ، حدثنا ابن عون ، وحدث بها ابن علية ، عن محمد بن محمد .
ورواها ابن جدعان : عن ابن المسيب أن رجلا كان يقع في علي وطلحة والزبير ، فجعل سعد ينهاه ويقول : لا تقع في إخواني ، فأبى ، فقام سعد ، وصلى ركعتين ودعا ، فجاء بختي يشق الناس ، فأخذه بالبلاط ، فوضعه بين كركرته والبلاط حتى سحقه ، فأنا رأيت الناس يتبعون سعدا يقولون : هنيئا لك يا أبا إسحاق ، استجيبت دعوتك . [ ص: 117 ]
قلت : في هذا كرامة مشتركة بين الداعي والذين نيل منهم .
جرير الضبي : عن مغيرة ، عن أمه قالت : زرنا آل سعد ، فرأينا جارية كأن طولها شبر . قلت : من هذه ؟ قالوا : ما تعرفينها ؟ هذه بنت سعد ، غمست يدها في طهوره ، فقال : قطع الله قرنك ، فما شبت بعد .
وروى عبد الرزاق : عن أبيه ، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف ، أن امرأة كانت تطلع على سعد ، فينهاها ، فلم تنته ، فاطلعت يوما وهو يتوضأ ، فقال : شاه وجهك ، فعاد وجهها في قفاها .
مينا : متروك .
حاتم بن إسماعيل : حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده قال : دعا سعد بن أبي وقاص فقال : يا رب ، بني صغار ، فأخر عني الموت حتى يبلغوا ، فأخر عنه الموت عشرين سنة .
قال خليفة بن خياط : وفي سنة خمس عشرة وقعة القادسية ، وعلى المسلمين سعد ، وفي سنة إحدى وعشرين شكا أهل الكوفة سعدا أميرهم إلىعمر ، فعزله . [ ص: 118 ]
وقال الليث بن سعد : كان فتح جلولاء سنة تسع عشرة ، افتتحها سعد بن أبي وقاص .
قلت : قتل المجوس يوم جلولاء قتلا ذريعا ، فيقال : بلغت الغنيمة ثلاثين ألف ألف درهم .
وعن أبي وائل قال : سميت جلولاء فتح الفتوح .
قال الزهري : لما استخلف عثمان ، عزل عن الكوفة المغيرة ، وأمر عليها سعدا .
وروى حصين ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمر أنه لما أصيب ، جعل الأمر شورى في الستة وقال : من استخلفوه فهو الخليفة بعدي ، وإن أصابتسعدا ، وإلا فليستعن به الخليفة بعدي ، فإنني لم أنزعه ، يعني عن الكوفة ، من ضعف ولا خيانة .
ابن علية : حدثنا أيوب ، عن محمد قال : نبئت أن سعدا قال : ما أزعم أني بقميصي هذا أحق مني بالخلافة ، جاهدت وأنا أعرف بالجهاد ، ولا أبخع نفسي إن كان رجلا خيرا مني ، لا أقاتل حتى يأتوني بسيف له عينان ولسان ، فيقول : هذا مؤمن وهذا كافر . [ ص: 119 ]
وتابعه معمر ، عن أيوب .
أخبرنا أبو الغنائم القيسي ، وجماعة ، كتابة ، قالوا : أنبأنا حنبل ، أنبأنا هبة الله ، أنبأنا ابن المذهب ، أنبأنا القطيعي ، حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا عبد الملك بن عمرو ، حدثنا كثير بن زيد ، عن المطلب ، عن عمر بن سعد ، عن أبيه أنه جاءه ابنه عامر فقال : أي بني ، أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسا ؟ لا والله ، حتى أعطى سيفا ، إن ضربت به مسلما ، نبا عنه ، وإن ضربت كافرا قتله ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :" إن الله يحب الغني الخفي التقي " .
الزبير : حدثنا محمد بن الضحاك الحزامي ، عن أبيه قال : قام علي على منبر الكوفة ، فقال حين اختلف الحكمان : لقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة ، فعصيتموني . فقام إليه فتى آدم ، فقال : إنك والله ما نهيتنا ، بل أمرتنا وذمرتنا فلما كان منها ما تكره ، برأت نفسك ، ونحلتنا ذنبك . فقال علي -رضي الله عنه - : ما أنت وهذا الكلام قبحك الله ! والله لقد كانت الجماعة ، فكنت فيها خاملا ، فلما ظهرت الفتنة ، نجمت فيها نجوم [ ص: 120 ]قرن الماعز . ثم التفت إلى الناس فقال : لله منزل نزله سعد بن مالك ، وعبد الله بن عمر ، والله لإن كان ذنبا ، إنه لصغير مغفور ، ولإن كان حسنا ، إنه لعظيم مشكور .
أبو نعيم : حدثنا أبو أحمد الحاكم ، حدثنا ابن خزيمة ، حدثنا عمران بن موسى ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا محمد بن جحادة ، عن نعيم بن أبي هند ، عنأبي حازم ، عن حسين بن خارجة الأشجعي قال : لما قتل عثمان ، أشكلت علي الفتنة ، فقلت : اللهم أرني من الحق أمرا أتمسك به ، فرأيت في النوم الدنيا والآخرة بينهما حائط ، فهبطت الحائط ، فإذا بنفر ، فقالوا : نحن الملائكة ، قلت : فأين الشهداء ؟ قالوا : اصعد الدرجات ، فصعدت درجة ثم أخرى ، فإذا محمد وإبراهيم - صلى الله عليهما - وإذا محمد يقول لإبراهيم : استغفر لأمتي ، قال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم أهراقوا دماءهم ، وقتلوا إمامهم ، ألا فعلوا كما فعل خليلي سعد ؟
قال : قلت : لقد رأيت رؤيا ، فأتيت سعدا ، فقصصتها عليه ، فما أكثر فرحا ، وقال : قد خاب من لم يكن إبراهيم - عليه السلام - خليله ، قلت : مع أي الطائفتين أنت ؟ قال : ما أنا مع واحد منهما ، قلت : فما تأمرني ؟ قال : هل لك من غنم ؟ قلت : لا ، قال : فاشتر غنما ، فكن فيها حتى تنجلي .
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو محمد بن قدامة ، أنبأنا هبة الله [ ص: 121 ] ابن الحسن ، أنبأنا عبد الله بن علي الدقاق ، أخبرنا علي بن محمد ، أنبأنا محمد بن عمرو ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال : مرضت عام الفتح مرضا أشفيت منه ، فأتاني رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، يعودني ، فقلت : " يا رسول الله ، إن لي مالا كثيرا ، وليس يرثني إلا ابنة ، أفأوصي بمالي كله ؟ قال : لا ، قلت : فالشطر ، قال : لا ، قلت : فالثلث ، قال : والثلث كثير ، إنك إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس ، لعلك تؤخر على جميع أصحابك ، وإنك لن تنفق نفقة تريد بها وجه الله ، إلا أجرت فيها ، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك ، قلت : يا رسول الله إني أرهب أن أموت بأرض هاجرت منها ، قال : لعلك أن تبقى حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون ، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ، ولا تردهم على أعقابهم ، لكن البائس سعد بن خولة " ، يرثي له أنه مات بمكة .
متفق عليه من طرق عن الزهري . [ ص: 122 ]
وعن علي بن زيد : عن الحسن قال : لما كان الهيج في الناس ، جعل رجل يسأل عن أفاضل الصحابة ، فكان لا يسأل أحدا إلا دله على سعد بن مالك .
وروى عمر بن الحكم : عن عوانة قال : دخل سعد على معاوية ، فلم يسلم عليه بالإمرة ، فقال معاوية : لو شئت أن تقول غيرها لقلت ، قال : فنحن المؤمنون ولم نؤمرك ، فإنك معجب بما أنت فيه ، والله ما يسرني أني على الذي أنت عليه وأني هرقت محجمة دم .
قلت : اعتزل سعد الفتنة ، فلا حضر الجمل ولا صفين ولا التحكيم ، ولقد كان أهلا للإمامة ، كبير الشأن ، رضي الله عنه .
روى نعيم بن حماد ، حدثنا ابن إدريس ، عن هشام ، عن ابن سيرين أن سعد بن أبي وقاص طاف على تسع جوار في ليلة ، ثم استيقظت العاشرة لما أيقظها ، فنام هو ، فاستحيت أن توقظه .
حماد بن سلمة : عن سماك ، عن مصعب بن سعد أنه قال : كان رأس أبي في حجري ، وهو يقضي ، فبكيت ، فرفع رأسه إلي ، فقال : أي بني ما يبكيك ؟ قلت : لمكانك وما أرى بك . قال : لا تبك ; فإن الله لا يعذبني أبدا ، وإني من أهل الجنة .
قلت : صدق والله ، فهنيئا له .
الليث ، عن عقيل ، عن الزهري أن سعد بن أبي وقاص لما احتضر ، دعا بخلق جبة صوف ، فقال : كفنوني فيها ; فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر ،[ ص: 123 ] وإنما خبأتها لهذا اليوم .
ابن سعد : أنبأنا محمد بن عمر ، حدثنا فروة بن زبيد عن عائشة بنت سعد قالت : أرسل أبي إلى مروان بزكاته خمسة آلاف ، وترك يوم مات مائتي ألف وخمسين ألفا .
قال الزبير بن بكار : كان سعد قد اعتزل في آخر عمره ، في قصر بناه بطرف حمراء الأسد .
وعن أم سلمة أنها قالت : لما مات سعد ، وجيء بسريره ، فأدخل عليها ، جعلت تبكي وتقول : بقية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
النعمان بن راشد : عن الزهري ، عن عامر بن سعد قال : كان سعد آخر المهاجرين وفاة .
قال المدائني ، وأبو عبيدة ، وجماعة : توفي سنة خمس وخمسين [ ص: 124 ]
وروى نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد أن سعدا مات وهو ابن اثنتين وثمانين سنة ، في سنة ست وخمسين ، وقيل : سنة سبع .
وقال أبو نعيم الملائي : سنة ثمان وخمسين وتبعه قعنب بن المحرز . والأول هو الصحيح .
وقع له في " مسند بقي بن مخلد " مائتان وسبعون حديثا . فمن ذاك في الصحيح ثمانية وثلاثون حديثا . |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق